رسم القرآن
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الرسم لغة: الأثر ويرادفه الخط والكتابة والسطر والرقم.
الرسم اصطلاحا: هو العلم الذي يبحث في معرفة خط المصاحف العثمانية وطريقة كتابتها والقواعد المتبعة فيها خلافا للرسم القياسي الإملائي .
أقسام الرسم: ينقسم إلى قسمين: قياسي, واصطلاحي.
1) الرسم القياسي: هو تصوير اللفظ بحروف هجائه بتقدير الابتداء به والوقف عليه. وله أصول أربعة:
1- تعيين نفس حروف الهجاء دون أعراضها( أي جسم الكلمة دون تشكيل ولا تنقيط)
2- عدم النقصان منها
3- عدم الزيادة عليها
4- فصل اللفظ مما قبله مع مراعاة الملفوظ به في الوقف.
مثل: عند الابتداء, رسم كلمة (ادفع) نجد أنهم أثبتوا صورة همزة الوصل مع أنه ساقطة عند الوصل,لأنها ملفوظة عند الابتداء, وعند رسم كلمة (عليم) حذفوا صورة التنوين, لأنه غير ملفوظ عند الوقف على أواخر الكلمة.
وأكثر الكلمات القرآنية متفقة مع هذه القواعد.
2) الرسم الاصطلاحي (العثماني): ما كتبت به الصحابة المصاحف, وأكثره موافق لقواعد الرسم القياسي إلا أنه خالفه في أشياء وهي المدونة في التأليف ولم يخالف الصحابة – رضي الله عنهم- في هذه الأشياء إلا لأمور تحققت وعندهم أسرار وحكم تشهد لهم بأنهم كانوا بلغوا الغاية القصوى في الذكاء والفطنة.
مما لاشك فيه والثابت نقلا ويقينا أن المصاحف المكتوبة في عصرنا هذا كتبت بالطريقة بالرسم التي كتبة به في زمن سيدنا عثمان رضي الله عنه عام 25 هـ
وأنهم التزموا رسم الحروف والكلمات القرآنية التي كتبت في عصر النبي صلى الله عليه وسلم والتي جمعت في زمن سيدنا ابو بكر الصديق رضي الله عنه وهي نسخ من المصاحف التي كتبت مع لجنة الكتابة التي كلف بها الصحابي الجليل زيد بن ثابت رضي الله عنه عام (12،11هـ) ولم يجرؤ احد كائناً من كان أن يحدث في قواعد رسم المصحف شيئا من عنده بل هو اتباع وبالنسبة لهم دين يدينون به ربهم
وقضية الرسم العثماني عندهم لا تخضع للرأي أو الاجتهاد بل هي قضية مقدسة أما ما أحدث في الرسم المصحف امران
1- علامات الشكل 2-نقط الاعجام
1- علامات الشكل : وهي الفتحة والضمة والكسرة
واجتهد في وضعها أبو الأسود الدؤلي المتوفى (60) هـ
فقد وضع نقطا أمام الحرف أو تحته ثم جاء تلميذه – الخليل بن أحمد الفراهيدي واضع على العروض عام (70هـ)
فاستبدل تنقيط المصحف بالحركات المعرفة (الفتحة الف صغيرة راقدة ، والضمة واو صغيرة وكلتا هما فوق الحرف والكسرة شطر ياء صغيرة تحت الحرف )
وهو ايضا الذي وضع علامات الهمزة والشدة والروم والإشمام
2- نقط الاعجام : قيل وضعه نصر بن عاصم أو يحي بن يعمر
الذي وضع علامات نقط الاعجام (والباء تحتها نقطة والتاء نقطتان فوقها الخ..)
والذي وضع نقط الحروف هو نصر بن عاصم (89 هـ) بالتحقيق العلمي لم يتدخل احد من العلماء في رسم المصحف والكلمات التي كتبت في زمن عثمان رضي الله عنه وهذا الذي اجمع عليه المسلمون الالتزام بالرسم العثماني واتباعه في كتابة المصاحف واعتبروه (واجب) يأثم من يخالفة ولذلك كانت فتاوى علماء الامة منذ الصدر الاول بتحريم مخالفة الرسم العثماني . (- فتح الباري لابن حجر ج10/391 -انظر- تفسير الامام الطبري ج1/61 -تاريخ الطبري ج3/313 -تاريخ العلماء النحويين لأبي المحاسن التنوخي ص176 والمقنع لأبي عمرو ص129 -الاتقان في علوم القرآن للسيوطي ج4/184-186 -المقنع للداني ص129).
مخالفة الرسم العثماني وهو إجماع من الصحابة في زمن سيدنا عثمان رضي الله عنه وسئل الامام مالك رضي الله عنه
(أيكتب المصحف على ما احدث الناس من الهجاء اليوم؟
فقال لا ولكن يكتب على الكتبة الأولى .
وعلق الإمام الداني رحمه الله ( ولا مخالف له من علماء الأمة)
وقال الإمام أحمد : تحرم مخالفة خط المصحف عثمان في ياء أو واو أو ألف أو غير ذلك .
وقال الإمام البيهقي :
(من كتب مصحفا فينبغي أن يحافظ على الهجاء الذي كتبوا به تلك المصاحف ولا يخالفهم فيها ولا يغير مما كتبوا شيئا فأنهم أكثر علما واصدق قلبا ولسانا وأعظم أمانة منا فلا ينبغي لنا أن نظن بأنفسنا استدراكا عليهم ولا تسقطا لهم .
ولذلك لا يجوز ولا يصح كتابة القرآن بالرسم الإلائي لما يترتب على ذلك من الخطأ واللحن والتحريف .
وعن أبي عبيد القاسم بن سلام قال (اتباع حروف المصاحف عندنا كما في السنن القائمة التي لا يجوز لأحد أن يتعداها)
وجاء في المذهب الشافعي ما نصه (كلمة الربا (الربو) تكتب بالواو والألف كما جاء في الرسم العثماني ولا تكتب في القرآن بالياء مكان الإلف لان رسمه سنه متبعه )(ما عدا الآية 39 من سورة الروم تكتب بالألف ) (فتح الباري شرح البخاري لابن حجر 8/546 -ومسلم 1/549-المقنع لأبي عمر الداني ص169-البرهان للزركشي ج1/379-أشعب الإيمان ج5/600-البرهان في علوم القرآن ج1/461-مناهل العرفان للزرقاني ج1/372)
والكتب التي يعول عليها في هذا العلم ويعتمد عليها وكل من كتب يرجع اليها الفها علماء متبحرون في القرآن واللغة والقراءات والتفسير وعلومه
1-المقنع 2- التنزيل 3- العقيلة
1-المقنع في معرفة رسوم مصاحف أهل الامصار
تأليف الإمام الحجة العلامة : أبي عمرو وعثمان بن سعيد الداني توفى عام (444 هـ)
وهو رأس هذا العلم وجامع مسألة وله السبق في ذلك والقدم الراسخة وعملة رحمه الله عمل موسوعي علمي نادر
فهو إمام لا مثيل له في أي ملة او دين وله مؤلفات في علوم القرآن و القراءات والرسم والنقط وعد الآية وتفسير القرآن
2-مختصر التيين لهجاء التنزيل:
تأليف الامام ابو داود سليمان بن نجاح بن أبي القاسم الأموي بالولاء الأندلسي المتوفى عام (496 هـ) رحمه الله
عالم لا مثيل له وعملاق من عمالقة الرسم والضبط وعلوم القرآن والقراءات وهو تلميذ لأبي عمرو الداني
3-عقيلة أتراب القصائد في اسنى المقاصد في علم رسم المصحف
هي قصيدة منظومة من كتاب المقنع لأبي عمرو الداني نظمها العلامة الحجة الإمام الشهير أبي محمد القاسم ابن فيرة الشاطبي الأندلسي وهو مرجع الأمة القراءات السبع وإمام لا مثيل له توفى وله منظومته الشهيرة( حرزا لاماني ووجهه التهاني في القراءات السبع )
(الشهيرة بالشاطبية عالم مسلم حجة وإمام في القرآن والقراءات وعلومها والعقيلة( في علم رسم المصحف في (298) بيتا ولها شروح كثيرة.
كتاب( سمير الطالبين في رسم وضبط الكتاب المبين)
وهو من المؤلفات الجامعة المختصرة في رسم القرآن وضبطه والمعاصرة كتاب العلامة الشيخ علي بن محمد الضباع رحمه الله شيخ المقارئ المصرية رئيس لجنة كتابة المصاحف وله مؤلفات في القراءات وعلوم القرآن ورسم المصحف وكتابة الشهير مرجع .
مرجع من المراجع نفع الله به ورحمة برحمتة الواسعة وجزاه الله خيرا هذا الجزاء على خدمته عن القرآن و القراءات وجعل ذلك في ميزان حسناته .
وهناك مؤلفات وشروح كثيرة واكتفينا بما ذكرناه خشية للإطالة .
هذا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
كاتبه الفقير إلى الله / محمد علي علام
Review رسم القرآن.